دبي – أصداف نيوز:
يعود أسبوع السّركال للفنون إلى رحاب السّركال أفنيو من السَّابع عشر وحتَّى الخامس والعشرين من نوفمبر مُتخذًا من ”أفعال الحضور“ ثيمة يُضيء من خلالها أهمِّية التّعاضد والتّكاتف في عالمٍ يزداد انقسامًا يوم تِلو اليوم. يضمُّ برنامج هذه الدّورة محطّات غزيرة، أبرزها: معرِض بحثيّ بعنوان ”حُضُورٌ مُنْتَزَع“ يضمُّ أعمالًا فنّيَّة فلسطينيَّة تحمل كلٌّ منها ذكرى صمودٍ، وشهادةَ بقاءٍ، ودعوةً لروّاد المعرض للوقوف في صف السَّرديَّات الَّتي تقاوم محاولات المحو وتتحدَّها. يتضمّن الأسبوع أيضًا مشاريعَ فنِّيَّةٍ عامّة جديدة تحضُّ الزُّوَّار على التَّريُّث وإعادة التَّفكُّر بتصوَّراتهم. وفي محطّة حوارات المجلس، يُسلَّطُ الأسبوع الضُّوءَ على مبدعاتٍ ومبدعين وروَّاد ورائدات من القارّة الأفريقيَّة تجسّد تجاربهم تحدٍّ للسَّرديَّات المهيمنة. يشمل الحدث الأُسبُوعيّ الأمد معارضَ في أكثر من خمسة عشر فضاء من فضاءات الفنّ المعاصر المنتشرة في مختلِف أرجاء السّركال، فضلًا عن عروض أفلام، والعروض الأدائيَّة، وفتح استوديوهات الفنّانات والفنّانين المقيمين، والنّدوات، والورش، والجولات الفنِّيَّة التأمُّليَّة—يقدّم أسبوع السّركال للفنون كل هذه التّجارب وأكثر لتوطيد جسور الحوار وتعزيز حِسَّنا الجمعيَّ بالحضور.
حُضُورٌ مُنْتَزَع: سير أعمالٍ فنِّيَّة عصيَّة على النَّكبات
عبر المعرض البحثيّ ”حُضُورٌ مُنْتَزَع: سير أعمالٍ فنِّيَّةٍ عصيَّةٍ على النَّكبات“ (Made Present: Biographies of Artworks Defying the Nakba) يتقصَّى القيّمان فارس شوملي وزينة زعرور رحلات نجاة أكثر من عشرة أعمالٍ فنِّيّة فلسطينيَّة عبر قصِّ آثارِها في الأراشيف والملاحظات الميدانيَّة. فعلى حين يُصَوَّر تاريخ الفنِّ الفلسطينيِّ غالبًا كقصّةٍ فصولها مِزَق، وفقدان، ونهب استعماري، وهلاك، يُقدّم هذا المعرض تأريخًا مغايرًا تتحدّى فيه هذه الأعمال الفنِّيَّة محاولات الطَّمس والمحو. يُضيء ”حُضُورٌ مُنْتَزَع“ حكاياتَ أعمالٍ فنِّيّة عصت على التغييب، مُبرِزًا التّاريخ الغزير لفنَّانين وفنَّانات بذلوا جهودًا جبّارة، بل خاطر بعضهم بحياته لضمان بقاء أعمالهم حاضرة.
لِنَمشِ معًا: مشاريع فنِّيَّة عامَّة
بمرافقة القيّمة زوي ويتلي، تقف جولة ”لنمشِ معًا“ (Walk With) في دورتها الثَّانية على سلسلةٍ من أربعة أعمال فنِّيَّة عامَّة خاصَّة بمواضع إقامتها في فضاءات الأفنيو بل وتستلهم مِن التَّأثيرات العمرانيّة المُحيطة. تدعو هذه المشاريع الفنِّية روَّاد الأسبوع، حين يصدفونها خلال تجوالهم في أرجاء الأفنيو، لتأنٍّ بالنَّظر واستكشاف ثيمات الهشاشة، والصُّمود، والذَّاكرة العامَّة.
عند عطفة أخرى يواجه ”هذا ليس قبرك“ (This Is Not Your Grave) للفنّانة الفلسطينيَّة ديمة سروجي الإبادة المتواصلة بحقِّ شعبها—كاشفًا التَّناقض بين العمارة وغايتها حين تستحيل عاجزة عن حمايتنا. من خلال تركيب فنِّي متعدد الأجزاء، تستحضر سروجي مِزقًا مُتذَكَّرَة—أحواض استحمام، وبيوت درج، وأنفاق—وتحوّلها إلى ملاجئ مؤقتة يلوذ إليها النّاس وفيها يجتمعون.
مُلتحمًا مع جدران الفضاء المُقامِ فيه، يُقدِّم تركيب ”عتبات الإدراك: إعادة تعريف فضاءات الشُّرفَات“ (Thresholds of Perception: Redefining Balcony Spaces) للفنَّانة أسماء بالحمر لفتةَ تقديرٍ واحتفاءٍ بتاريخ إمارة دبي المعماريّ، لا سيَّما شرفاتها والمباني الشُّقَقِيَّة الّتي احتضنت فضاءاتُها الكثير من مُجتمعات الإمارة وأهلها. بفضل معالجاتٍ دقيقةٍ للأسطح—لا سيَّما نسيجها ولونها—تنصهر الشُّرفَات مع محيطها العمراني، لتشكِّل ضربًا مِن خداعٍ بصريٍّ يتحدّى التَّصوُّرات التَّقليديَّة للحيِّز والعمارة.
ينهل الفنّان عبّاس أخوان من الماضي الصِّناعي لمنطقة القوز باستخدام موادٍ محفوظة من مستودعات السّركال المُخصَّصة للتخزين طويل الأمد—مواد رُتِّبت في أكوامٍ كما لو كانت ترتقبه ليحوِّلها عمله التّركيبي: ”مخزون: تنويع على نافورة“ (Stock: Variation on a Fountain). مُستلهَمًا من النّوافير التَّاريخية الرّخاميَّة والحجريَّة، يبقى هذا العمل وفيًا لهذه المواد، ويدعو المارين به من روّاد الأسبوع إلى جلسةٍ واستراحةٍ متأنيّة في هدأةِ أجوائه المائيّة.
مِن الهدأة والاستراحة، يأخذنا تركيب ”هياكل/أسقف“ (Roof/Structures) للفنّان ڤيكرام ديڤتشا لنقارب موضوعات الهجرة، والطموح، والدَّوران. لإتمام هذا المشروع، تعاون الفنّان مع عمّالٍ لبناء هياكل أسقف مرتجلة من الخيزران، والحبال، وأغطية لوحات الإعلانات المُعاد تدويرها، التي غالبًا تُضحي ملاجئ. مُقلوبةً ومُسندة إلى جوانبها، تُجسِّد هذه العناقيد العموديَّة حيِّزًا مدينيًّا من الطُّموح والرَّغبة، أشبه بأوتاد خيامٍ ترمز للجاذبيَّة العالميَّة لمدائن الخليج العربيّ وحواضره.
حوارات المجلس
تحمل هذه الدَّورة من حوارات المجلس عنوان ”أفعال الحضور: حكايات قادة مبدعين من القارَّة الأفريقيَّة“ (Acts of Presence: Stories of Africa’s Creative Leaders). بإشراف القيّمة شارلوت أشامو، تجمع حوارات المجلس لفيفًا من الأصوات المغايرة للسرديّات المهيمنة من غانا، وإثْيوبيا، وجنوب أفريقيا، وساحل العاج—أصوات تدفع هوامش الرّتابة وتخموها وتحتفي بالحضور بكافَّة أشكاله. يتضمن برنامج المجلس جُملةً من النَّقاشات والعروض الإيضاحيَّة، مِنها: أداء للفنّان متعدِّد المجالات كوامي أكوتو بامفو، مؤسِّس متحف نكينكيم في غانا؛ واستكشاف يقوداننا فيه ميسكرِم أسقد والفنّان الوازن إلياس سيماي إلى عالم مركز زوما للفنِّ المعاصر في إثيوبيا، ذلك الفضاء الفنِّي الواعي بيئيًا. من أثيوبيا تأخذنا الفنَّانة متعدِّدة المجالات ثانيا بيترسن للتأمُّل فيها أحدث أعمالها الَّذي تحوُّل عبره سيَّارات الأجرة الصَّغيرة في كيب تاون إلى معارض فنِّيَّة متنقلة—في محاولةٍ لجعل الفنّ مُتاحًا لِمَن تستثنيهم غالبًا الفضاءاتُ الفنِّيَّة التَّقليديَّة. أيضًا تتضمّن حوارات المجلس إضاءةً على فنَّانة النّسيج جوانا برامبل وتجربتها في العمل بين ساحل العاج والسِّنِغال حيث تعكف على الحفاظ على تقاليد أسلافها في النّسج، دون أن يثنيها ذلك عن المُضي قُدمًا في مزج التّراث بطرائق التَّعبير المعاصرة.
جاليريات الأفنيو
يشهد أسبوع السّركال للفنون هذا العام سلسلة من الفعاليَات والمعارض في مختلِف جاليريات الأفنيو، أبرزها معرض ”إبحار في فراغ“ (Navigating Through Nothing) للفنّان ثائر هِلال في جاليري أيّام، و”معاملات سطحيًّة“ (Superficial Transactions) للفنّانة إيمان الهاشمي في جاليري عائشة العبار، و”ما نراه من الأشياء هو الأشياء“ (What We See of Things is the Things) للفنّان إدݞار أورلينيتا في فضاء كربون 12. ومن المعارض البارزة الأخرى: ”أشكال التَّمثيل الضوئيّ“ (Photosynthetic Forms) للفنّان مارك كوين في جاليري كوستوت، ومعرض للفنّانة الموزمبيقيّة ريناتا ساديمبا في جاليري المرسى (بالتّعاون مع جاليري بيرڤه)، و”استكشاف الفضاء النَّجمي: النَّهضة الكونيَّة“ (Astral Space Exploration: The Cosmic Renaissance) للفنّان كايخان صلاخوف في جاليري فيريتّي للفنّ المعاصر، و”في عِظَامِنا“ (In Our Bones) للفنَّانة فاريبا بروفار في جاليري إيزابيل، ومعرض النَّحات اللّبنانيّ شوقي شوكيني في فضاء غرين آرت.
يُواصل برنامج الأسبوع مع معرِض ”خمسة أحلام متعاقبة، وخمس شموس—وحديقة“ (Five Consecutive Dreams, Five Suns, and a Garden) للفنّان شربل-جوزيف بطرس في فضاء غراي نويز، و”حياةُ جوَّالٍ عبر ثُقبِ إبرة“ (The Life of an Itinerant through a Pinhole) للفنان بهزاد خسروي نوري في فضاء جلف فوتو بلس، و”نسج الأساطير“ (Molding Anew) للفنّانة رند عبد الجبّار في صالة المعارض الفنِّيَّة لوري شبيبي، و”سيلفي مرآة متسخة“ (Dirty Mirror Selfie) للفنَّان مروان سهمراني، و”تناسخ الأرواح“ (Metempsychosis) للفنّانة زينب الهاشمي، و”لهيب تحت سماء تُزهِر“ (Flames Beneath The Flowering Sky) للفنّان بهرانج صمدزادِجان في جاليري ليلى هيلر. في ناحية أخرى من الأفنيو، يعرض جاليري 1×1 آرت أعمال الفنّان سوهان قدري. أمَّا المعرض الجماعي ”فرائدهم كُلّها“ (All Their Singularities)، فيضمّ أعمالًا لفنّانات وفنّانين مثل أفشان دانشڤار، وآستا بوتيل، وباك سيون ݞي، وتشيتروفانو ماجومدار، وك. مدهوسودهانان، ورينا بانيرجي، وميثو سين، وسودارشان شيتي. تضمّ قائمة معارض الأسبوع أيضًا ”بيت اللآلئ“ (House of Pearls) للفنَّانة فيان سُورا في جاليري ذا ثِيرد لاين و”أنا والأرض“ (The Land and I) للفنّان نبيل عناني في جاليري زاوية.
الملتقى البحثيّ
تحت عنوان ”افتراقات داخليّة: الثَّبات، والحركة، والفقدان، والصّمود في عالم إشكالي وشائك“ (Domestic Departures: (Im)mobility, Loss, and Resilience in an Uncertain World)، يقدِّم المُلتقى البحثيّ طيفًا من الحواريّات كما يعرض النّتاج البحثي لست من الحاصلات على المنح البحثيَّة لمؤسسة السّركال للفنون 2022–2024، وذلك في محاولةٍ لتحدّينا وتحريضنا على إعادة النَّظر في علائقنا مع حيواتنا والمشهد الطّبيعي من حولنا في خضمّ كل ما يشهده كوكبنا من عنفٍ سياسيٍّ وإبادة بيئيّة بطيئة. على اختلاف ميادينهن وتعدّدها، تشاركنا الباحثات الممارسات— خلدة الجاك، وزينب جعفر، ولبنى أنصاري، وناتاشا مارو، وريا شاه، ومَيثاء السّويدي —نتاجًا بحثيًّا يوظِّفن فيه رسم الخرائط التَّجريبيّة، والتّركيبات الفنّيّة الغامرة، والمجلَّات الإلكترونيَّة المستقلَّة للاشتباك مع القضايا المطروقة في سبيل خلق حوارٍ يقارب ثيمات السّكون، والحركة، والفقدان، والصّمود في عالمنا المتغير.
الاستوديوهات المفتوحة
تفتح مؤسّسة السَّركال للفنون أبواب استوديوهات الفنّانات والفنّانين المقيمين بموجب الفصل الأوّل لبرامج الإقامة الفنّيّة كي يتسنَّى لروّاد أسبوع الفنون من الاقتراب من تجارب هؤلاء الفنّانين والتَّفاعل مع ممارساتهم. يُذكر أنَّ من بين الفنّانات والفنّانين المشاركين: الفنان الصوتي جاد صليبا من بيروت، لبنان، والكاتب والفنّان البصريّ الكونغولي سينزو آنزا، والباحث الأكاديميّ والفنَّان متعدِّد الوسائط ثلانا بازك من ميزورام، الهند، وصانعة الأفلام بالافي بول من مومباي، الهند أيضًا.
المشاريع الزَّائرة
إغناء لكل ما سبق، يستضيف أسبوع السّركال للفنون مشروعين زائرين بالتّعاون مع شركائنا. أولهما عمل تركيبيٌ بعنوان ”مستقبلنا“ (Our Future(s)) من مؤسّسة دبي للمستقبل ومتحف المستقبل لدعوة روّاد الأسبوع للتأمّل في مستقبلنا الجمعيّ. تتفاعل هذه التّجربة الغامرة، الّتي صُمِّمت لتكون ملاذًا للسكون والهدوء، مع الجمهور عبر عبارات مِفتاحيّة وهمسات رقيقة تُحاكي ظِلال الضّبابيّة الّتي تُشكِّل غدنا المُشترك. من خلال هذا الفضاء التأمّلي، ترنو مؤسّسة دبي للمستقبل لبلوغ فهم أوضح للرأي والوجدان العامّين على هذا الصّعيد، ممَّا يساعد في بلورة استراتيجيّات نيّرة وحلول مبتكرة لعالمٍ مَرنٍ أكثر استقرارًا واستدامة.
أمَّا المشروع الزّائر الثّاني من تنظيم بارونيسا فاكتوري ودعم مجموعة جييفي والمعهد الثّقافي الإيطاليّ في أبو ظبي، فيقدِّمُ عمل المصمم والفنّان الإيطالي فرانكو بيروتي: ”ديسوادِر: فن وتصميم“ (Dissuader: Art and Design). يتمحور هذا المعرض حول تمثال الدِسوادِر، تلك اليمامة الضّخمة المنحوتة من خشب السّندر والدُّسر الفولاذيّة وتمثيلاتها الأخرى الصّغيرة والمتنوّعة، حجمًا ومادّة. ترمز هذه المنحوتة إلى الدّيناميّات الشائكة والمعقّدة بين البشر وبيئاتِهم.
للاطلاع على برنامج الأسبوع كاملًا، يُرجى زيارة موقع السّركال أفنيو.