
القاهرة – 
تشارك الناقدة الدكتورة رشا غانم استاذ النقد بالجامعة الأمريكية بكتاب تحت عنوان الرواية النسوية المعاصرة..جدل التنظير والتطبيق بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ٥٢ والمقرر افتتاحه يوم ٣٠يونيه الجاري .
وعن الكتاب تقول “غانم” إننا نعيش في ظل ثنائيات متعددة في الحياة لقد بدأ الإنسان بثنائية البكاء، والضحك كمولودٍ أطل على الحياة من خلال ثنائية الخلق :الذكر، والأنثى ، فبدأت ثنائية البكاء والضحك ،ثم ثنائية الجوع،والإشباع، ثم ثنائية الحزن، والفرح، وثنائية الخوف، والأمن، وتتواصل ثنائيات الحياة بنسبية حدوثها فتولدت ثنائية الحب، والكراهية والخير والشر، والأمل،واليأس،والنجاح ،والفشل، إذ لا معنى لحياة كلها ظلام ,كما لا معنى لحياة كلها ضوء، الليل إذًا يكمل دورة الزمن بوجود النهار،لا معنى لحياة كلها خير كما لا معنى لحياة كلها شر؛ إذًا لا معنى لحياة كلها رجال؛ كما لا معنى لحياة كلها نساء فالحياة تقوم على ثنائيات كثيرة قد تتشكل العلاقة بين تلك الثنائيات فتكون الغائية أو تحريضية أو طردية أو تكاملية، كلها معاني تثير جدلًا تمثله تناقضات لا حصر لها ينزوي في مكامن النفس وهواجسها؛ ليشتعل في أي وقت يقف الإنسان فيه عاجزا عن فهم مضامين تتشكل منها مقادير ترسم خريطة حياته الوجدانية والنفسية والبشرية،فما أكثر ثنائيات الحياة بين مدٍّ وجزر!
أليست الأنثى شريكة في ثنائية هذا الكون؟! فلماذا النظرة المتدنية لها من بعض الرجال الذين يفسرون مفهوم قوامتهم للمرأة حسب أهوائهم وميولهم الشخصية ،أما بالنسبة للمرأة التي تمتهن الكتابة فحدث ولا حرج حيث إن الكتابة عندما ترتبط بجنس صاحبتها ينعتوها بتاء الخجل؟ لما تحمله من تصورات أيدلوجية، وفوارق بيولوجية ارتهنت بواقع المرأة في هذا العالم المتصارع بما تمثلة من هُوية أنثوية عانت حرمانًا وتهميشًا على مر العصور حتى عندما بدأت تستعيد جزءًا من حقوقها ما زال هناك فجوة بين التنظير والتطبيق لكل ما يخص قضايا المرأة ، ووضعها في المجتمع.
يهدف هذا الكتاب إلى أنه محاولة ضرورية للتركيز على إبداع المرأة الذي يشغل حيزًا مهمًا على مستوى الكتابة الإبداعية،كما وجد النقد النسوي خصوصياته في الكتابة النسوية الإبداعية حيث أصبح بالإمكان الحديث عن وجود كتابة إبداعية نسْوِية –منذ مطلع القرن العشرين إلى اليوم-وأيضا التفاعل مع الخطاب النسوي من خلال الرؤية االنِّسْوِية للعالم في سياقات حوارياتها المختلفة مع الآخر الرجل كشريك في الهموم الحياتية من جهة ،وكسلطة ذكورية قامعة للمرأة الباحثة عن التحرر من عتق كل أدوات القهر الذكوري من جهة ثانية، فالنّسْوية التي ندفع بها إلى الأمام ونحن مؤمنون بجدواها وخاصة في وطننا العربي ليست دعوة لسفور المرأة أو لتجميل وضع شاذ تكون فيه المرأة راغبة في الحرية الجنسية أو على الأقل مبررة لها. أو تكون حارسة للتقاليد فقط ،أو تُكرس مفهوم الضحية بالنسبة للمرأة، أو تؤسلب الرجال بصفاتهم أو تحجمهم بأوصافهم كون الغاية التي نبغي تحقيقها هي وضع لبنة في صرح دراسة نسوية عربية، وفي إطار من الانفتاح والتجلّي يهدف إلى كشف الملتبس والظفر بالمضمون فالنِّسْوِية المستهدفة هي القائمة على تأسيس وعي نسوي عربي ينتج عنه التقدم والرقي في بلادهن. .
يهتم الكتاب بإظهار خصوصية الكتابة الّنسوية، والدعوة المأمولة إلى تأسيس كتابة نسوية واعية تصحح الّنظرة السائدة غير المنصفة للأنثى. بوصف أن الخطاب النقدي – في مرحلته الأخيرة – قد اتجه إلى ربط الإبداع بمكوناته الثقافية وكان اتجاهه إلى العناية بالأطراف المهمشة، وبخاصة ما يتصل بالإبداع النسوي (شعرا ونثرا).
ترجع أهمية الكتاب إلى أن الدراسات النسوية في العالم العربيّ، ما زالت قليلة الإنتاج حيث لا يتعدّى بعض كتب ومقالات قليلة،ولعل هذا الكتاب وما احتوى عليه تنظيرا وتطبيقا يسد جزءَا ولو ضيئلا في المكتبة العربية.
حرصت على استخدام المنهج االتكاملي ؛ ليرصد أبعادًا شتى “وهو يأخذ من كل منهج كممارسة نقدية مركبة تجمع بين المعطيات ، الفنية والتاريخية، والأبعاد النفسية والاجتماعية، والعقدية؛ للارتكاز على رؤية شمولية واحدة.”.
كما رصد المنهج الوصفي التحليلي أبعادا في البنية السردية كمكون أساس في كل الأعمال الإبداعية المنوطة بالدراسة. كما وقف على عدة مفاهيم أساسية لكل منها دلالاتها الخاصة.
كما اعتمدت على اتجاه النقد االنسوي المعاصر المهتم بإبداع المرأة ،وأنها باستطاعتها استنطاق ذاتها، وتمثيلها أنثويا،كما للمرأة اهتمامات سياسية ووطنية ظهرت بشكل جلي عبر كتابتها. وارتكزت على مصطلحات اتسم بها اتجاه النقد النسوي المعاصر التي ميزت الدراسات النسِّوْية :الآخر:Other – الغيرية. الجندر gender – الهُوية الجنسية/ذكر أم /أنثى…- السلطة والهيمنة الأبوية(البطريركية) Patriarchy) .
يتكون الكتاب من مقدمة وتمهيد وأربعة فصول أما المقدمة فترتكز على هدف وأهمية ومنهج الكتاب ،ثم التمهيد ،ويشتمل على الدراسات السابقة،ثم أربعة فصول ،الفصل الأول”تنظيري ” ،ويشتمل على عدة مفاهيم نظرية كـ::مفهوم النِّسويَّة -النِّسوية العربية- النِّسويّة العالمية- -النقد النِّسوي المعاصر. ثم الفصل الثاني والثالث والرابع”تطبيقي” ويحتوي على ،الروايات العالمية ، ثم الروايات العربية ، ثم الروايات المصرية ،ثم خاتمة للكتاب ثم القائمة للمصادر والمراجع ثم الفهرس ويشتمل على محتويات الكتاب.
يركز هذا الكتاب” الرواية النِّسْويّة المعاصِرة “جدل التنظيروالتطبيق” على الجانب الأنثوي بما يحمل من خصوصية وخاصة الكتابة التي تكتبها الأنثى،فهذه الكتاابة النسوية نتاج لمرجعية ثقافية واقتصادية واجتماعية ونفسية كونت لهن ذاكرة إبداعية أثْرت روايتهن، كما يستجلي خصوصية الرواية النِّسْوية من منظور النقد النسوي المعاصر في بلدان غربية وعربية و وكيف كانت كل بلد ذات مرجعية ثقافية مختلفة فتفتق عن ذلك خطابا أنثويا يحمل لغة مختلفة في معجمها، و مضامينها،ومعالجتها للقضايا ،وكيف كان دخول المرأة لعالم الرواية دفاع عن الأنا الفردية الأنثوية، بكتابة هموم الإناث الجمعية، والدخول إلى عالم اللغة الذي كان مُحرم عليهن .
ما زلنا نعاني من فوضى المصطلحات حيث نجد تعنتًا وجدلًا حول مصطلحات نسوي ، ونسائي ، وأنثوي ؟، مع أن الكتابة عن إبداع الكاتبات تستخدم كل هذه المصطلحات حيث إن الهدف الأساس هو الكتابة عن خصوصية إبداعهن ، وقد يكون من وجهة نظري أن هذا الصخب والجدل على الرغم من التناقضات الكثيرة التي يقع فيها المنشغلون بهذا النوع من الدراسات لكنه له فائدته كإثراء معرفي يضع فوارق تحدد بدقة متناهية سمة كل مفردة منهن.
غلاف الكتاب
إن تناول النص الأدبي من منظور نِسْوي يستدعي التركيز على وضع النساء في النص كذوات وموضوعات وراويات ومؤلفات حيث ارتكزت على البنية الثقافية لكل منهن، فالقراءة النِسْويَّة تنصت إلى الصوت السائد والأصوات الخفية، كما تتأمل سمات هوية الراوية والبطلة والمؤلفة، ومدى تمتع المرأة بسلطة السرد وتمثيل الذات. هذه الروايات الــ (43) المختارة معبرة بوصفها عن الأنثى وكيف عبرت الكاتبات عن هواجسهن وآلامهن ، والتي تتيح مجالاً للعقل كي يبحث عن متنفس يتغلب على الألم والحسرة، ينطلق الخيال في فضاء لا نهائي باحثًا عن طريق للانتصار على الواقع حيث نجد الكاتبات يتخذن من الكتابة معبرا للبوح، فكانت أكثر إثارة ورصدًا لهذا الواقع .
إن طريق تحقيق القوة لدى المرأة سواء على الصعيد العربي أو العالمي ليس واحدًا ، فقد اتخذت مقاومتها هذه صورا عدة، منها مقاومة مجتمعية بالنضال والكفاح، ومقاومة ذاتية بالإصرار والتحدي ،ومقاومة ثقافية بالتميز في التأسيس، والتجريب وذلك ؛لنبذ صورة المرأة حين تكون قابعة تحت ضغط التجاوزات الجنسية، والمعاناة الواقعية ، وخاصة الكاتبات التي تلاحقهن صورة تشوه هُويتهن ككينونات منتجة بأنهن فشلن في الخروج من إطار البيت والأطفال والزوج والحب في كتاباتهن، ولذلك أخفقن في معالجة ما هو أهم من قضايا اجتماعية وسياسية لبلدانهن، وتصرّ النّسويّة على أنّ هذا الظّلم ليس أمرًا ثابتًا أو حتميّا، وأنّ المرأة تستطيع أن تغيّر النّظام الاجتماعيّ، والاقتصاديّ، والسّياسيّ عبر العمل الجماعيّ، وبالتّالي فإنّ مساعي النّسويّة ترمي إلى تحسين وضع المرأة في المجتمع.
يقدم هذا الكتاب الرواية النِسْويَّة المعاصرة من خلال مقدمة وتمهيد وأربعة فصول، احتوت المقدمة على هدف، وأهمية ،ومنهج الكتاب وتمهيد يقف عند الدراسات السابقة ثم الفصل الأول : مفاهيم نظرية كـ: مفهوم النِسْويَّة، النِسْويَّة العالمية، النِسْويَّة العربية، مصطلح النقد النسْوي المعَاصِر ثم ثلاثة فصول تطبيقية :الأول، الروايات النِسْويَّة العالمية، ،والثاني،العربية والثالث،المصرية مرتكزا على منهج النقد النسوي لكاتبات غربيات ،وعربيات أحدثن علامات فارقة في عالم المرأة ،وساهمن في إغناء النص الروائي بملامح عدة أثرت فن الرواية.