الاخبار
أخر الأخبار

دول الخليج بوسعها أن تتصدر مشهد التحوُّل إلى الاقتصاد الدائري في قطاع البلاستيك

الرياض – أصداف نيوز:

كشف تقرير جديد صادر عن كابسارك وشركة استراتيجي أند ميدل إيست، التابعة لشبكة شركات برايس ووتر هاوس كوبرز، عن أن دول مجلس التعاون الخليجي بوسعها أن تؤدي دورًا محوريًا في سد الفجوة العالمية في إمدادات البلاستيك المعاد تدويره، إذ من المتوقع أن يتجاوز الطلب العرض بنحو 35 مليون طن بحلول عام 2030. سيتعين على دول مجلس التعاون الخليجي، لاغتنام هذه الفرصة وترسيخ مكانتها كمركز للمواد البلاستيكية المعاد تدويرها، استثمار ما يتراوح بين 12 مليار و25 مليار دولار في البنية التحتية لإعادة التدوير بحلول عام 2045، وفقًا لتقييمات القطاع.

وعلى الرغم من ارتفاع الطلب على البلاستيك المعاد تدويره بنسبة 8% سنويًا — متجاوزًا معدل النمو السنوي للبلاستيك البكر البالغ 2% — لا يزال العرض قاصرًا عن تلبية الطلب. ورغم الزخم المتزايد في هذا المجال، لا يُلبَّى سوى أقل من 70% من الطلب العالمي على المواد المعاد تدويرها. ومن المتوقع أن يصل العجز إلى 35 مليون طن بحلول عام 2030.

تنتج دول مجلس التعاون الخليجي حاليًا نحو 10 ملايين طن من النفايات البلاستيكية سنويًا، غير أن 10% منها فقط يُعاد تدويره أو استخدامه أو استرجاعه. وتتماشى هذه النسبة مع المتوسط العالمي، غير أنها أدنى من تلك التي حققتها دول رائدة كالصين وبلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى. وفي المملكة العربية السعودية، يساهم قطاعا البلاستيك والكيماويات بنسبة 6 إلى 9% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يسلط الضوء على مدى تأثر اقتصاد المنطقة بالمتغيرات العالمية في الطلب على البلاستيك، ويشير إلى فرصة عظيمة تلوح لها في قيادة مسار الاقتصاد الدائري.

وقد صرّح ديفيش كاتيار، الشريك في ستراتيجي أند ميدل إيست قائلًا: “مع بقاء معدلات إعادة التدوير الميكانيكي عالميًا دون 10 بالمائة، وفي ظل زيادة الضغوط الناتجة عن متطلبات الحوكمة البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية والأطر التنظيمية للكربون وتغير تفضيلات المستهلكين، فإننا نشهد خللًا متزايدًا بين العرض والطلب. وما لم يُعالَج هذا الخلل، فقد يؤدي إلى عرقلة التقدم المُحرز في مكافحة ظاهرة تغير المناخ ويعزز الاعتماد على البلاستيك البكر. تحتل دول مجلس التعاون الخليجي مكانة فريدة من نوعها تؤهلها لسد هذه الفجوة، وذلك باستغلال مواطن قوتها في قطاع البتروكيماويات لابتكار حلول دائرية مستدامة”.

جدوى إعادة التدوير الكيميائي من منظور تنافسي

على الصعيد العالمي، تكتسب عمليات إعادة التدوير الكيميائي — ولا سيما تقنية الانحلال الحراري — زخمًا كبيرًا، غير أن جدواها الاقتصادية تظل مرتبطة بتوافر المواد الخام وأسعار الطاقة وكفاءة تشغيل المصانع. وتشير دراسات النماذج التحليلية التي أعدها “كابسارك” بالتعاون مع “استراتيجي أند” إلى أن مصانع إعادة التدوير الكيميائي في دول مجلس التعاون الخليجي، التي تقع داخل المجمعات البتروكيماوية، بوسعها تغطية تكاليفها بأسعار شراء للنفايات البلاستيكية تتراوح بين 240 و280 دولارًا للطن المتري. وحتى مع ارتفاع الأسعار إلى 450-500 دولار لكل طن، ما زال بالإمكان تحقيق أرباح، شريطة أن يحتفظ البلاستيك المُعاد تدويره بميزة سعرية في السوق مقارنةً بالمواد البلاستيكية البكر.

 قال جايانث مانتري، المدير الأول في شركة استراتيجي أند ميدل إيست: “إن الجدوى الاقتصادية لإعادة التدوير الكيميائي واعدة في دول مجلس التعاون الخليجي، خاصةً إذا دُمجت بالأنظمة القائمة ودعمتها تكاليف الطاقة التنافسية التي تتميز بها المنطقة. وعلى النقيض من البتروكيماويات التقليدية، تعوّل إعادة التدوير الكيميائي بكثافة على المعرفة، وتُتيح فرصًا أكبر لتحقيق عوائد اقتصادية مضاعفة ونمو مدفوع بالابتكار”.

الاستثمار والتجارة والتنظيم والابتكار

تُعد منطقة الخليج مؤهلة للريادة بفضل انخفاض تكاليف الطاقة وتوفر البنية التحتية اللازمة. وبحسب التقرير، يرتكز النجاح على إحراز التقدم على ثلاثة محاور رئيسة، ألا وهي: توافر المواد الخام وضمان استقرار الإطار التنظيمي، فضلًا عن الابتكار ورفع الوعي لدى المستهلكين.

ولضمان إمدادات مستقرة من المواد الخام وسهولة الوصول إلى السوق العالمية، يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي إنشاء ممرات تجارية رسمية للنفايات البلاستيكية مع آسيا وإفريقيا وأوروبا. ويشمل ذلك تطوير الموانئ وتحديث أنظمة الجمارك والبنى التحتية لتتبع المواد العابرة للحدود وفقًا للمعايير الدولية، مما يضمن تدفق نفايات البلاستيك الواردة بسلاسة ويُسهّل تصدير الراتنجات المعاد تدويرها بشهادات معتمَدة.

ويتعين على المنطقة أيضًا التعجيل بتنفيذ إصلاحات تنظيمية محلية، وذلك للحد من تبعيتها للتحولات في السياسات الخارجية. وتتمثل أهم الأولويات في تطبيق أنظمة المسؤولية الممتدة للمنتج، وفرض نسب محددة للمحتوى المعاد تدويره، وإعادة هيكلة تسعير البوليمرات الخام، إضافةً إلى توحيد معايير الجودة والسلامة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.

وتحقيقًا للتوسع في الاقتصاد الدائري، لا بد من الاستثمار في إعادة التدوير الكيميائي، وأنظمة الفرز الذكية، وأدوات تتبع تعتمد على تقنية سلسلة الكتل (البلوك تشين). بوسع التمويل الحكومي المشترك أن يدعم عمليات البحث والتطوير بالتعاون مع القطاع، في حين ستعمل حوافز المستهلكين وحملات التوعية على تعزيز الطلب والارتقاء بعملية فرز النفايات. ويدعو التقرير أيضًا إلى تبني آليات تمويل مختلطة للمساهمة في إنشاء منظومة حديثة للمواد البلاستيكية المعاد تدويرها، مُشيرًا إلى ضرورة استفادة دول مجلس التعاون الخليجي من صناديق الثروة السيادية، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، وآليات الحد من المخاطر بغية حشد رؤوس الأموال واستقطاب الشركات العالمية الفاعلة.

وختم ديفيش كاتيار حديثه قائلًا: “يتيح اقتصاد المواد البلاستيكية الجديد فرصةً هائلة لدول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بالاستفادة من مواطن قوتها الجوهرية في قطاع الصناعات البتروكيماوية، وقدرتها على الوصول إلى رؤوس المال وتطوير التقنيات وتوسيع نطاقها. وفي ظل الرؤية السديدة والتنسيق المناسب، تستطيع المنطقة أن تقود مسيرة التحوُّل نحو مستقبل صناعي يعتمد على الاقتصاد الدائري بقدر أكبر”.

للاطلاع على الرؤى المتعمقة بمزيدٍ من التفصيل، يُرجى الضغط هنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى