فن و ثقافة
أخر الأخبار

عائشة مير… تحول مواد التجميل التالفة إلى لوحات فنية صديقة للبيئة

نستخدم فقط ١٠% من المنتجات التجميلية التي نشتريها، والبقية ترمى في سلة المهملات

 

 

خاص –

تستخدم المرأة كثير من مواد التجميل، وتتابع موضات الألوان والخامات، فتستغني عما كان لديها بالأمس لتستبدله بالجديد، وهكذا تتراكم لدى كل فتاة وسيدة عشرات المنتجات التي لا يكون لها سوى ” مكب النفايات” كمصير وحيد، ولكن هناك من فكر في البيئة والأضرار التي تلحق بها جراء هذه المواد التجميلية التي تشوه البيئة، فكانت النتيجة لوحات فنية تحمل عديد من الرسائل والمسؤولية المجتمعية..

 التقت عائشة مير لنتعرف منها على تجربتها الفريدة مع مواد التجميل التي تحولها إلى لوحات فنية…

تقول “عائشة جاويد علي مير”: أنا شابة هندية، عشت طوال حياتي في المدينة المنورة، أكملت المرحلة الثانوية الحمد لله، ولي شغف كبير في أبحاث علوم الفضاء والفلك، وأريد أن أدرس هندسة الفضاء والطيران.

أما مبادرتي Artientifique، فهي كلمة فرنسية كونتها من دمج كلمتين Artiste + Scientifique، وتعني هذه الكلمة شخص يمارس العلوم والفنون معا مثل ليوناردو دافينشي! وأسمي نفسي بهذا الاسم لأني أعمل على أزمة علمية بيئية وهي التلوث، وأحاول حلها بأسلوب فني!

قصة البداية

وتضيف عن بدايات فكرتها: أنا فضولية منذ الطفولة، وكنت أتأمل كثيرا حولي. إحدى صديقاتي اشترت مستحضرات جديدة ورمت القديم كلها، صحيح أنها لم تكن صالحة للاستعمال على الوجه، ولكن من المؤكد أنها صالحة للاستعمال في شيء آخر، وكثيرا ما يحدث أننا ننسى منتجات اشتريناها وتنتهي صلاحيتها ولا نستخدمها أبدا.

سألت نفسي: أين يذهب كل هذا المكياج؟ أكيد له قصة نحن لا نعرفها…

ولا أتذكر تاريخ معين بدأت أعمل عليه، لكن كنت في المدرسة، جلست أفكر في طريقة ممكن نحول هذه المخلفات إلى شيء مفيد. بحثت على الإنترنت عن أخطار رمي المكياج ولكنني لم أجد معلومات كافية عن الآثار السلبية للمادة التي بداخل العبوة. وجدت ما يكفي عن العبوات، ومواد التغليف وما شابه، ولكن ليس عن المادة الداخلية التي نستخدمها على وجوهنا.

وبدأت العمل على الفكرة الرئيسية منذ سنين، وبعد ذلك في أواخر عام ٢٠١٨، فتحت صفحة على الانستجرام لأعرض لوحاتي أمام العالم.

الهدف

وتوضح «مير» أن الهدف الرئيسي من مبادرتها هو حماية البيئة من التلوث البيئي الناتج عن المواد السامة التي تخرج من المكياج القديم والمنتهي الصلاحية.

وبناء على نتائج أبحاث مختلفة؛ نحن نستخدم فقط ١٠% من المنتجات التجميلية التي نشتريها، والبقية ترمى في سلة المهملات.

الآن هذه توصل إلى مكب النفايات، وتختلط مع مواد عضوية وغير عضوية، يتسرب السائل الكيميائي (هناك أكثر من ١٢٦ مادة كيميائية تستخدم في المكياج مثل Triclosan, Siloxanes, BHA & BHT, DBP, Plastic Microbeads, synthetic fragrances etc  ) من المكياج إلى المياه الجوفية، تقتل الكائنات الدقيقة في التربة، الغازات السامة تلوث الهواء.

هذه المياه الملوثة إن التقت بمجرى او ماء النهر القريب منه، وبعد ذلك مياه البحار، يؤدي إلى دمار الحياة البحرية، التهابات في الجهاز الهضمي، خلل في الهرمونات، طفرات إلخ، وأيضا تزيد إمكانيات انقراض بعض أنواع الكائنات.

هذه المياه الملوثة إن تبخرت وتكثفت في الهواء الملوث، نحن نعلم ماذا سيصبح بعدها.

أو لو اشترينا سمك، هناك احتمالية أنها استهلكت ولو كمية صغيرة جدا من المواد الكيميائية التي تستخدم في صناعة المكياج.

صديقة البيئة

وتضيف: الهدف الثاني المهم إبراز فن جميل وصديق للبيئة أمام العالم، غالبا نفكر في علب نعيد تدويرها ونعمل منها ماسكة للأقلام أو فازة والاكياس نعمل منها ورود. هذه الأفكار رائعة وأنا ما زلت امارسها. لكن أؤمن بقوة أن الشيء المعاد تدويره المفروض لا يظهر أنه معاد تدويره من شدة جماله وتكون طريقة عمله إبداعية.

طموحي مشاركة الجميع شغفي بالفن وحماية البيئة

طموح  

وطموحي أن أشارك في معرض لأعمالي في الخط العربي، وأيضا أن أدرب، شغفي بهذا الأسلوب في الفن يدفعني أن أنقله لعدد أكبر، وعمل فريق رسم في أنحاء الخليج العربي، أحب المشاركة في مشاريع تمكين الشباب وأتمنى أن أظهر الوجه الجميل للفن الصديق للبيئة، المطور عن الصورة التي عندنا حاليا عندما نفكر في أفكار لإعادة التدوير، وأتطلع للمشاركة مع مؤسسات حماية البيئة، وفنادق، وشركات المكياج في المستقبل حتى نستطيع تحقيق الهدف الأكبر وهو الاستدامة.

هي والمجتمع
ولأن الفكرة مستحدثة، فبالطبع كان لها ردود أفعلا متباينة، تقول عنها “مير”: الحمد لله، قبل العرض على مواقع التواصل الاجتماعي، كنت امارسها على مستوى صغير جدا، شيئا فشيء تحسنت جودة العمل، وكنت اشاركها مع أهلي ومن يعز علي، وأول مجموعة مكياج كانت من عندي وصديقاتي ومعلماتي ومديرة المدرسة.

أهلي كان لهم دور كبير في تشجيعي ودعمي، بعد النشر على السوشيال ميديا، ذهبت إلى كثير من المؤتمرات والمنتديات سواء حضوريا مثل Misk Global Forum منتدى مسك العالمي (من ٢٠١٨ و١٩ و٢٠ كان اون لاين) أو اون لاين مثل TiE Global Summit 2020 إلخ. وشجعني كل من يرى اللوحات أو يسمع عن الفكرة.
أيضا، بعد نشر بعض المقالات عن الأخطار ومشاركة الإحصائيات مع الجمهور، تصلني استفسارات عن قصتي وكثير طلاب وطالبات يحبوا يتطوعوا في المبادرة بأي شكل من الأشكال.

التفاصيل
وتسرد “مير” بعض التفاصيل التي تستخدمها في مبادرتها، وتقول عن نوعية المواد التجميلية التي تستخدمها في الرسم:

استخدم كل شيء ممكن نسميه منتج تجميل، بكل أشكاله وانواعه «سائل، بودرة، مكسر، لاصق في بعضه، لأنه قديم وخلاص حيترمي، فكل ما يجيني أغلبه سايح أو كثيف مثل المناكير القديمة إلخ».

وتوضح زن الصعوبة التي تواجهها هي إيجاد مواد متوافقة الخامة والأولان، وتقول: «صعب جدا إيجاد بعض درجات الألوان والtexture مثلmatte, glossy, metallic إلخ في أي مجموعة ألوان أخرى». أستخدم فقط مكياج قديم في أعمالي، ولا اخلط ماء أو زيت أو اي محلول آخر. فقط مكياج قديم. وتطلع شكل اللوحات جميلة، فأصبح ال   waste وسيلة لتجميل جدار غرفتي أو مكتبي.

رسالة
وتفسر اختيارها للرسالة التي تريدها أن توصلها من خلال الرسم بألوان الماكياج هي: كل شيء له قيمة، وإن لم نر نحن قيمة لها. كل شيء في الطبيعة لها قيمة، حتى التفاح المعفن غذاء للميكروبات. إنها لا تصلح للأكل لنا نحن البشر، وهذا لا يعني أن لنا الحق في تسميته waste أو قاذورات.

من هواياتي التصوير، وشيء مهم تعلمته من التصوير إيجاد منظور مختلف للشيء أمامي حتى اروي قصته. أنا أرى الشجرة من هنا لها شكل، ولكن أذهب إلى اليمين قليلا وأجد الشمس تعطيني منظر مختلف وجميل، شكل الأوراق ونور الشمس يخترق بين الأغصان وما إلى آخره. المكان كله جميل، فقط عليّ التقاط الصورة من المكان المناسب حتى تتضح القيمة للجميع.

المكياج القديم لا يصلح استعماله على البشرة، ولا يصلح أيضا رميها. ولكن ممكن استخدم قيمتها (تحسين جمال الإنسان بألوانها الفريدة) وأحولها إلى لوحات فنية.

معارض
وشاركت مير في بعض المعارض الفنية، وتقول عن تجربتها: الحمد لله، شاركت في العديد من المعارض الدولية الافتراضية في الهند والإمارات العربية المتحدة وإيطاليا، ونشر عن قصتي في مجلات فنون في كندا ودبي وصحف مثل عرب نيوز وخليج تايمز وراديو ilTelevisionario2 في إيطاليا. وأرغب المشاركة بفني الصديق للبيئة في معارض عالمية أكثر إن شاء الله.

استمرارية
وتؤكد مير نيتها في الاستمرار في الرسم بهذه الطريقة، وتقول: «أحب الاستمرار في الرسم، وفي أعمال نشر الوعي في المجتمع بشتى الطرق، معارض، فعاليات، مهرجان فن، دورات تدريب إلخ».

لي شغف في الخط العربي منذ الطفولة، وحاليا أدرس الخط الديواني على يد أستاذي الخطاط ياسين حجازي، وأطلع على تعلم خطوط أكثر إن شاء الله.

أمنيات
وكشابة في مقتبل العمر لها العديد من الأمنيات والأحلام منها: “حلمي أن اصبح باحثة في علوم الفضاء إن شاء الله. وأريد أن الكل يحب الرياضيات مثل ما أحبه أنا! يحزنني عندما يقول الناس: أنا أكره الرياضيات.
وكشخص شغوف بحماية البيئة aspiring environmentalist، أحب أن أقدم كل ما بإمكاني من أجل تحقيق حلم بيئة نظيفة وجميلة كما كانت.

وفي ختام اللقاء شاركتنا بمعلومة عن احتفالية يوم البيئة العالمي العام الماضي، حيث صممت ونشرت مجموعة من الإبداعات من طلبة متطوعين (شعر، مقال، illustrations ، صور وبعض اللوحات الفنية الصديقة للبيئة، قصة نجاح لرائد أعمال في مجال الأزياء الصديق للبيئة) على شكل مجلة بسيطة وهو مشروعنا نحن المتطوعين في الحجر أثناء الجائحة.

ولم تغفل أن تنوه عن الاحتياطات الاحترازية التي تتبعها أثناء التعامل مع مواد التجميل أثناء الرسم، فتقول: أنا آخذ كل إجراءات السلامة أثناء العمل بالmakeup waste ، ألبس قفازات وأغطي أنفي وفمي إذا لزم، ولي أدوات مخصصة استخدمها فقط للرسم بالميك اب مسطرة ومقص وأعواد ومستلزمات الرسم الأخرى، ولا أخلطها مع أدواتي الأخرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى