عام من التحديات والإنجازات في القنصلية المصرية بالرياض
حوار خاص مع القنصل العام المصري د. إيهاب عبدالحميد :
أثمن استجابة السلطات السعودية لطلب القنصلية بخفض سعر تأشيرة الزيارة لأسر الوافدين لتصل إلى 300 ريال
- القنصلية رصدت خلال الأعوام الأخيرة تناقص عدد المقيمين المصريين بالمملكة
- التطبيق الإلكتروني لحجز المواعيد ساهم كثيرًا في تخفيف الزحام
- يتصور البعض أن القنصلية يمكنها حل جميع المشكلات التي تواجه المواطن بما فيها المشكلات المالية
- الانتقال إلى العمل الدبلوماسي كان النقلة الأكثر صعوبة
الرياض- نيوز جيت 360: قرابة العام تحمل فيها القنصل العام المصري السفير الدكتور إيهاب عبد الحميد كثير من المشاق، في ظل تغيرات عديدة، وقفز بالمهام القنصلية قفزات عالية للوصول إلى إنجاز المهام في أقل مدة زمنية ممكنة، وإرضاء المواطن المصري المقيم بالمملكة العربية السعودية، وكان لـ نيوز جيت 360 هذا الحوار ، الذي دار عن مستجدات عمله، وإنجازاته خلال عام، وأيضًا لمحات عن طالب الهندسة “إيهاب عبدالحميد” الذي اختطفه السلك الدبلوماسي..
- بعد استلام مهامكم بالمملكة ما هي أبرز الملفات التي تم تحريكها وتحقيق خطوات ناجزة فيها؟
في البداية أود أن أشكر سيادتك وصحيفة نيوزجيت 360 على فرصة اجراء هذا الحوار، وردا على سؤالك أود أن أشير الى أنه منذ استلامي مهام عملي في الرياض منذ حوالى عام، عملت القنصلية على تحريك عدد من الملفات والتصدي لبعض التحديات، وعلى رأس ذلك تسهيل سفر المخالفين لنظام الإقامة والعمل وأمن الحدود، وتسوية أوضاع مخالفي الإقامة والعمل، ومساعدة من يرغب في إنهاء مخالفته وإعفائه من الغرامات، وذلك من خلال التعاون مع الجانب السعودي لتسوية أوضاع المخالفين، وتسريع عملية ترحيل العديد من المواطنين الموقوفين بإدارات الوافدين والمنتهية إقامتهم، وتقديم بعض التسهيلات للأسر التي تمنعها ظروفها من سداد الغرامات المتعلقة بمخالفة نظام الإقامة بالمملكة.
وفي إطار حرص القنصلية على حصول المواطنين المصريين المقيمين بالمملكة على حقوقهم، جرت مساعى عديدة فى اتجاهات مختلفة للتعامل مع موضوع الرواتب المتأخرة لبعض المواطنين، ونجحت القنصلية في هذا الإطار في حصول بعض المواطنين على مستحقاتهم العمالية ودفع رواتبهم المتأخرة، وذلك إما من خلال التوسط بين العامل وصاحب العمل، أو من خلال تقديم الدعم القانوني للعامل أمام هيئات التسوية الودية او المحاكم العمالية.
على جانب آخر، أود أن أثمن استجابة السلطات السعودية لطلب القنصلية والكثير من سفارات وقنصليات الدول الأخرى، بخفض سعر تأشيرة الزيارة لأسر الوافدين لتصل إلى 300 ريال بعد أن كانت 2000 ريال سعودي.
- ما زالت الدراسة تشكل عبئاً على المصريين المقيمين بالمملكة ويدرسون المناهج المصرية.. وبالإضافة إلى مدارس المسار المصري الحالية، فهل هناك بادرة لتحريك مقترح افتتاح مدارس مصرية بالمملكة “لأبناء الجالية” والتي يمكن أن توفر للطلبة اختبار الثانوية العامة المصرية.
اعتقد ان هذا الموضوع غير وارد حاليا، فحتى الدول التى يوجد بها مدارس مصرية، لا تتم بها اختبارات الثانوية العامة، وانوه فى هذا الصدد أيضا إلى أنه حتى امتحانات “ابناؤنا فى الخارج” لا تشمل امتحانات الثانوية العامة، التى تجرى سنويا فى موعد واحد على مستوى الجمهورية كلها، مراعاة لتكافؤ الفرص بين أبناء الوطن، بالنظر إلى أهمية هذه المرحلة في الالتحاق بالجامعة. على جانب اخر، فقد نجح المكتب الثقافى التابع للسفارة بالتعاون مع الجانب السعودي فى زيادة عدد مدارس المسار المصري من 34 إلى حوالى 100 مدرسة فى وقت قصير وذلك لاستيعاب اكبر عدد من ابناء الجالية المصرية.
- إلى أي مدى أثرت الإجراءات التي اتخذتها المملكة مؤخرًا على العمالة المصرية من حيث الأعداد، وكم يبلغ عدد العمالة المصرية في المملكة الآن
الواقع أن القنصلية قد رصدت خلال الأعوام الأخيرة تناقص عدد المقيمين المصريين بالمملكة – الذين يبلغون فى الوقت الحالى وفقا لتقديراتها حوالى 1,6 مليون مواطن – وإن كانت النسبة الأكبر بين المرافقين، وهو اتجاه عام يشمل كل الجاليات الأجنبية، ويمكن تفسيره فى ضوء سعودة العديد من القطاعات والوظائف، كما قلصت رسوم الاقامة العالية المفروضة على الوافدين وأسرهم وارتفاع هذه الرسوم سنوياً، وارتفاع تكاليف المعيشة بالمملكة بصورة واضحة من فرص استمرار بقاء كثير من الاسر المصرية بها.
- ما مدى التعاون بين الجهات الحكومية السعودية والقنصلية خاصة فيما يتعلق بالحقوق العمالية والإجراءات القانونية
أود أن انتهز هذه المناسبة للإعراب عن بالغ الشكر والتقدير للتعاون المثمر الذى تبديه السلطات السعودية مع القنصلية العامة سواء لتيسير حل مشاكل المواطنين المصريين المقيمين فى المملكة أو لضمان الحصول على حقوقهم، الأمر الذى يعكس أواصر علاقات الأخوة والمودة التاريخية التي تجمع الشعبين والبلدين، فعلى سبيل المثال تتعاون البعثة مع وزارة الخارجية السعودية في العديد من المجالات مثل تسهيل تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح المواطنين، وحصول العمالة والمتوفين على مستحقاتهم من جهات عملهم، والبحث عن المتغيبين، كما تتعاون مع وزارة الداخلية بقطاعاتها المختلفة لتسهيل إجراءات سفر الموقوفين وزيارة السجون.
كذلك تتعاون القنصلية مع وزارة العدل فيما يتعلق بطلبات الإنابة القضائية، كما أتاحت وزارة العدل السعودية على بوابتها الالكترونية خدمة الاستعلام عن جميع تفاصيل طلبات التنفيذ المقدمة إلى المحاكم، بما يُمكّن طالب التنفيذ من متابعة طلبه، كما أن المنفذ ضدهم الأحكام سيطلعون على أسباب إيقاع العقوبة المقررة في نظام التنفيذ ولائحته التنفيذية عليهم.
وتتعاون البعثة أيضاً مع وزارة العمل لحل مشاكل العاملين مع جهات عملهم، إضافة إلى التعاون مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لصرف مستحقات ومعاشات للمواطنين أو ورثتهم.
كما يُقدم الجانب السعودي العديد من التسهيلات لتجنب العقبات أو المشكلات التي تواجه المخالفين، وذلك من خلال تكثيف حملات التوعية الإعلامية.
- ما هي أبرز التحديات التي تواجه القنصلية وكيف يتم التعامل معها؟
تواجه القنصلية بعض الصعوبات والتحديات، حيث يأتي عدم معرفة المواطن بحدود عمل القنصلية، وارتفاع سقف طموحاته بما يمكن أن تقدمه من مساعدة أو دعم، من أبرز تلك التحديات، حيث يتصور البعض أن القنصلية يمكنها حل جميع المشكلات التي تواجه المواطن بما فيها المشكلات المالية أو الناجمة عن مخالفته للقوانين والأنظمة بالمملكة. من ناحية أخرى، لايهتم بعض المواطنين بتجديد الوثائق الرسمية الخاصة بهم مثل جواز السفر قبل انتهاء صلاحيته بفترة كافية، على جانب آخر وفيما يتعلق بالأجانب أو المرافقين للأسر المصرية من العاملات المنزليات فيغفل البعض عن التقدم للحصول على تأشيرة الدخول لمصر قبل موعد سفر الأسرة بوقت كاف، كل ما سبق يضع عبئاً إضافياً على القنصلية.
كما تواجه القنصلية معضلة عدم تناسب عدد العاملين بها مع حجم الجالية المصرية الواقعة فى نطاق عملها وعدد الخدمات القنصلية التي يحتاجونها، مما يُمثل تحدياً أمام العاملين بالقنصلية ويحملهم مسئولية أكبر للوفاء بواجبهم بالشكل المأمول، وخاصة فى ضوء الإقبال الكثيف من المواطنين بشكل يومي على القنصلية، الامر الذى يتم التغلب عليه من خلال تنظيم عملية الدخول والخروج، وتطبيق خدمة حجز المواعيد الكترونياً.
أما فيما يتعلق بالمشاكل القانونية والعمالية التي تواجه أبناء الجالية، فيتم التغلب على أغلبها من خلال التنسيق المستمر مع وزارات الخارجية، والداخلية، والعمل السعودية، وتحرص القنصلية على التأكد في جميع الأحوال من سير إجراءات التقاضي بشكل طبيعي وسلس فيما يتعلق بالمشكلات القانونية التي قد تواجه المواطن.
- أدخلت القنصلية كثيراً من التحديثات الإلكترونية على إجراء التعاملات .. إلى أي حد ساهمت هذه التحديثات في تخفيف الزحام وتيسير الإجراءات على المواطنين.
أشكرك على هذا السؤال والذي ينم عن متابعة سيادتكم لتطور الخدمات التي تقدمها القنصلية، حيث قامت بتطبيق نظام حجز المواعيد المسبقة من خلال الانترنت قبل إجراء المعاملات، وذلك لتخفيف الزحام وتقليل وقت الانتظار، وساهمت هذه الخدمة بشكل ملحوظ في تيسير الإجراءات على المواطنين، حيث يتم إرسال رسالة للمراجع بتأكيد الموعد تحتوي على الأوراق المطلوبة، كما يتم التواصل مع المواطن عند تغيير الموعد، ولقد أثرت هذه الخدمة في تقليل الزحام بصالات المعاملات القنصلية، حيث يتم توزيع كافة المترددين على مدار اليوم، بما يمنع حدوث التكدس المفاجىء والذي يصعب التعامل معه.
- هل هناك خطط مستقبلية للتوسع أو إضافة المزيد من الخدمات الإلكترونية
نعم، حيث تعمل البعثة على تنفيذ نظام لإرسال رسائل الكترتونية للمواطنين عند وصول معاملاتهم أو الانتهاء منها، وتوفير استمارات التقديم على المعاملات الكترونياً، مع الاستمرار في الإعلان عن كل ما يخص الجالية المصرية على وسائل التواصل الاجتماعي مثل الصفحة الرسمية للقنصلية على الفيس بوك (القنصلية العامة المصرية في الرياض) وذلك بهدف رفع وعى أبناء الجالية بكل ما يهمهم من قوانين أو أنظمة قانونية أو عمالية، والحرص على الرد على جميع رسائل الواتس أب الخاص بالبعثة رقم (00966500054094).
عن سعادة السفير..
- من الهندسة المدنية إلى دراسة التاريخ وصولًا إلى الشارع الدبلوماسي.. كيف كان الوصول، ولماذا التنقل بين هذه المجالات .
الحقيقة أن الانتقال إلى العمل الدبلوماسى كان سابقا على التخصص فى التاريخ، وقد كانت النقلة الأكثر صعوبة، حيث احتاج اجتياز اختبارات السلك الدبلوماسى إلى دراسة اللغات والعلاقات السياسية والاقتصادية الدولية والقانون الدولى العام والمنظمات الدولية والاقليمية والاقتصاد السياسى، وهى معارف لم يتح لى دراستها فى المرحلة الجامعية، إلا أن شغفى بالقراءة والاطلاع وتعلم اللغات منذ الطفولة سهلت لى كثيرا خوض هذه التجربة بنجاح، بينما جاء التخصص فى التاريخ (وعلى وجه التحديد التاريخ السياسى الحديث والمعاصر للدول العربية) انطلاقا من حبى للقراءة فى التاريخ الذى اعتبره الدرس الأكبر الذى يتيح للإنسان وللبشرية الاستفادة من تجاربها وعدم تكرار اخطاءها.
- وهل كان للتخصصات الدراسية أثرٌ في العمل الدبلوماسي
رغم أن مناهج الدراسة الهندسية تختلف تماما عن المواد المطلوبة لتكوين الدبلوماسي، إلا إنني أزعم أن دراسة الهندسة والمواد العلمية المجردة قد اتاحت لى إجادة أسلوب حل المشكلات بصورة عملية، والتعامل مع الواقع المجرد وليس مع معطيات زائفة أو تقديرات خيالية بعيدة عن أرض الواقع، الأمر الذى ساعدني كثيرا فى العمل الدبلوماسى الذى يرتكز على ضرورة التعامل مع الواقع المجرد، وتشخيص المشكلات ثم التصدى لحلها فى ضوء المعطيات والقدرات المتاحة